مفهوم البطلان
عرف بعض الفقه البطلان بكونه جزاءا قانونيا على عدم استجماع القعد لاركانه وشروطه كاملة. والحقيقة أن التركيز أن التركيز على الجزء يعد تركيزا على النتيجة لا تعريفا لذلك استبدل هذا التعريف بعدة تعريفات منها أن البطلان هو المؤيد المدني الذي من شأنه أن يفقد التصرف القانوني وجوده الاعتباري في نظر القانون أو أنه وصف يلحق التصرف القانوني لعيب فيه ويحرمه من آثاره أو انه نظام قانوني يفيد عدم قيام العقد لاختلال تكوينه. والبطلان يجد مصدره في مخالفة القواعد القانونية الهادفة الى حماية المصلحة العامة، وتطبيقا لدلك حدد الفصل 306 من قانون الالتزامات والعقود المغربي حالات بطلان العقد وهي:
• 1-حالة عدم الأهلية
• 2-حالة تخلف أحد أركان العقد
• 3-حالات البطلان بنص خاص
قد يتوفر المتعقدان على أهليه التعاقد، وقد لا يتخلف أي ركن ومع دلك يقرر المشرع البطلان بنص خاص كثل بطلان الالتزام المعلق انشاؤه على ارادة الملتزم والالتزام المعلق تنفيده على ارادة المدين ...
I. تمييز البطلان عن غيره من جزاءات العقد: 1
-البطلان والفسخ : البطلان = جزاء عدم استكمال العقد لأركانه أو لشروط صحته عند تكوينه. الفسخ = جزاء عدم تنفيذ أحد الطرفين للعقد (العقد منشأه صحيح). الفصول من 248 حتى 302 م أ ع تستخدم مصطلح الفسخ بمعناه الصحيح السابق ذكره. الفصول من 330 حتى 338 م أ ع تستخدم مصطلح الفسخ خطأ للدلالة على البطلان النسبي. خلط : سببه الفقه الإسلامي... هفوة لم تتسرب إلى فقه القضاء. من حيث النتائج: البطلان المطلق والبطلان النسبي لهما نفس النتائج : زوال العقد بصفة رجعية من تاريخ إبرامه. و كذلك الفسخ له نفس الأثر الرجعي. جزاء العقد في الفقه الإسلامي على درجات: باطل ---> الفساد ---> الوقف ---> النفاذ ---> اللزوم. 2-البطلان وعدم النفاذ : عدم نفاذ = هو جزاء خلل يعتري العقد دون أن يؤثر على صحته بين طرفيه ولكنه يجعله عديم الأثر بالنسبة للغير بحيث لا يمكن لأحد من الأطراف أن يعارض الغير به ويحتج به ضده.
3-البطلان والعقد الموقوف : هو العقد الذي انعقد صحيحا لتوافر عناصر الانعقاد وعناصر الصحة فيه إلا أنه يعتمد لأحد عناصر وهما الملك والأهلية مثال عقد القاصر وبيع ملك الغير الذي يبقى موقوفا حتى إجازة المالك... ينتمي العقد الموقوف إلى الفقه الإسلامي . لم يستعمل المشرع عبارة العقد الموقوف لكن أثرها ثابت في عدة فصول.... 4- العقد الباطل والعقد الفاسد : العقد الباطل : هو جزاء إفتقار العقد لأحد العناصر المكونة له. عقد لا وجود له إلا من حيث الصورة---> لا ينتج أي أثر ---> إذا نفذ وجب الرد وإعادة الحال إلا ما كان عليه. العقد الفاسد: هو مرتب من مراتب البطلان لا يعرفها إلا الفقه الحنفي وهو جزاء افتقار العقد لأوصاف معينة : مثل خلو الرضا من الإكراه أو التغرير... غياب المحل... وجود ربا العقد الفاسد له وجود شرعي لكن غير صحيح---> فسخ . 5-العقد الموقوف والعقد النافذ غير اللازم . العقد الموقوف: هو العقد الذي انعقد صحيحا لتوافر عناصر الانعقاد وعناصر الصحة فيه إلا أنه يعتمد لأحد عناصر وهما الملك والأهلية مثال عقد القاصر وبيع ملك الغير الذي يبقى موقوفا حتى إجازة المالك... نقص لأحد عناصر النفاذ وهي أساسا الملك أو الأهلية ---> نفاذه يتوقف على إجازته. الملك: بيع لملك الغير فصل 176 م أ ع نفاذه موقوف على إجازة من طرف المالك. الأهلية : القاصر عقوده موقوفة على إجازتها من قبل الولي . المريض مرض الموت: تصرفاته موقوفة على إجازة بقية الورثة (الفصول 354 _355_565_1481 م أ ع). العقد النافذ غير اللازم : فهو عقد نافذ انعقد صحيحا منتجا لجميع آثاره لكنه عقد غير لازم لأن أحد طرفيه يستطيع وحده أن يستقل بنفسه دون توقف عن إرادة الطرف الآخر... عقد يستقل أحد الأطراف بفسخه .
نظريات البطلان
تطور نظرية البطلان في القانون المقارن : يقوم نظام البطلان في تونس على التفرقة بين البطلان المطلق والبطلان النسبي . و يرجع أساس هذه التفرقة إلى القانون الفرنسي القديم فالفقه الإسلامي لم يؤثر في المشرع التونسي إلا نادرا فيما يتعلق بهذه المسألة. العقود الباطلة بطلان مطلق (لغياب احد الأركان: محل /سبب /أهلية /شكل): طلب الإبطال ممكن للأفراد بحكم القانون لأنها تهم النظام العام . العقود القابلة للإبطال (عيوب رضا): يجب توفر رخصة باسم الملك من السلط العدلية المختصة لطلب البطلان. أ-مبررات التمييز بين البطلان المطلق والبطلان النسبي: 1- أسس التفرقة في النظرية التقليدية للبطلان : تقوم على فكرة تدرج الخطأ المسلط على العقد بحسب الخطورة الخلل الذي يعتري انعقاده وصحته . - في حالة البطلان المطلق : العقد يفتقر إلى أحد أركانه الأساسية: الرضا... السبب... المحل + في العقود الشكلية: غياب الشكل. فافتقار العقد لأحد أركانه يحول تماما دون تكوينه . دور القاضي هو مجرد معاينة انعدام العقد.- - في حالة البطلان النسبي : العقد يفتقد إلى شرط يكتسي أهمية أقل من الشروط التي سبق ذكرها: عيوب الرضا ... الغبن... الأهلية المنقوصة.
جميع أركان العقد متوفرة لكن شروط صحته غير متوفرة.
يصح التصديق عليه .- ملاحظة : بعض الشراح يضيفون الانعدام وهو افتقار العقد إلى ركن لا يمكن بدونه أن نتصور له أي وجود ... مثال : الغلط في ذات المعقود عليه ... ويتفق الشراح على انتفاء كل مصلحة قانونية من مفهوم الانعدام. 2-الأسس الحديثة للتفرقة بين البطلان المطلق والبطلان النسبي . نقد النظرية التقليدية القائمة على معيار درجة الخطورة في الخلل فدرجة شدة البطلان لا تتأثر بدرجة خطورة الخلل كما لا يجوز للقاضي التخلي عن البطلان بدعوى عدم خطورة الخلل. و التصريح بالبطلان يؤدي إلى زوال العقد وانعدامه بصفة رجعية دون التفريق بين درجة الخطورة . القرن 20 : إعادة النظر في المسألة : - المعيار الصحيح : الغرض الذي يرمي إليه المشرع من خلال وضعه لكل شرط من شروط انعقاد العقد وصحته . الغرض : إما شرط لحماية النظام العام... عدم احترام = بطلان مطلق . و إما شرط لحماية المصالح الخاصة... عدم احترام = بطلان نسبي .
• تقييم أسس النظرية الحديثة:
-الإيجابيات: تطابق بين متطلبات النظام العام ونظام البطلان المطلق: _ توسيع حق القيام لكل من له مصلحة في طلبه. _ عدم وجود أجل للقيام . _ منع التصديق على العقد . تطابق بين مقتضيات حماية المصلحة الخاصة ونظام البطلان النسبي : _ تحديد الأشخاص الذين يحق لهم القيام . _ حرية الأفراد في التخلي عن الحماية التي يمنحهم إياها القانون. _ تحديد الحماية في الزمن لحماية الاستقرار التعاقدي . -السلبيات : تشعب مفهوم النظام العام... خاصة بعد التمييز بين النظام العام الحمائي (الذي يهدف إلى حماية الأفراد) و النظام العام العادي... حماية المصلحة الخاصة أصبحت من متطلبات النظام العام . _ الحدود بين النظام العام والمصلحة الخاصة ليست دائما ثابتة . هل يتجه التخلي عن المعيار الموضوعي للتفرقة بين البطلان المطلق والبطلان النسبي والنظر إلى نظام البطلان باعتبار كل حالة على حدة ؟ _ الشراح المعاصرين : ميل لهذا الحل : الهدف الذي ترمي إليه القاعدة القانونية والحرص على نجاعة جزاء مخالفتها . ترك مسألة تكييف جزاء البطلان المطلق والبطلان النسبي لاجتهاد القاضي هو أمر مردود تماما في القانون التونسي لمخالفته لصريح إرادة المشرع . ب-المصلحة القانونية من التمييز بين البطلان المطلق والبطلان النسبي : أساسا تحديد نظام البطلان: _ الأشخاص الذين يحق لهم القيام... أوسع في المطلق. _ أجل القيام... أطول في المطلق. _ مدى إمكانية التصديق على العقد الباطل وإجازته... جائز في النسبي فقط . - ومع ذلك فالآثار واحدة في كليهما. نظرية البطلان في القانون التونسي
التكريس القانوني النظرية التقليدية للبطلان :
أ- قاعدة لا بطلان بدون نص فصل 325 حدد حالات البطلان المطلق . فصل330 حدد حالات البطلان النسبي ( وهي حالة الفصول 8 أهلية_43 عيوب رضا _58 السكر المغير للشعور_61 غبن الصغير) ب-نقائص النظام القانوني للبطلان : قاعدة لا بطلان بدون نص تقيد القاضي كثيرا وتمنعه من الاستفادة من النظريات الحديثة للبطلان المدني . ماذا نفعل عند صمت النص عن الجزاء ؟ فقه القضاء =بطلان مطلق بعض الفقهاء استغلوا غياب التنصيص عن البطلان لتكريس نظرية العقد الموقوف في القانون التونسي...
حالات البطلان
عرض لمختلف حالات البطلان
: أ-الأهلية ° أهلية الوجوب ( حالات نادرة) بطلان مطلق 2-325 م إ ع مثال تحريم التعاقد بين الطبيب والمريض ° صغير غير مميز دون 13 = كل تصرفاته بطلان مطلق ° صغير من 13-20 بطلان نسبي ( 8-9-330 م أ ع ) بطلان مطلق ( 156 م أ ش من قبل الضرر المحض ) ° المجنون بطلان مطلق 2-325 (الرضا –الأهلية)
ب- الرضا : الرضا المنعدم : الغلط المانع ...الإكراه المادي = بطلان مطلق (ف 2و 325 م أ ع ). ° الرضا المعيب - تغرير + غبن... إكــراه... غلط = بطلان نسبي... ف 43-60-61 - 330م أ ع و125-126 م ح ع .
ج- المحل بطلان مطلق... ف 2-64-66-325 م أ ع د- السبب بطلان مطلق... ف 2+67+325 م ا ع-سبب غير موجود ... سبب غير جائز=
النظام القانوني للبطلان
الأشخاص الذين يحق لهم القيام بالبطلان لم يحددهم المشرع... البطلان يكون بمقتضى دعوى... عودة إلى م م م ت ... "لا قيام دون مصلحة"... من له مصلحة في طلب البطلان؟... نميز بين النسبي والمطلق. 1- حالة البطلان المطلق: العقد يكون باطلا مطلقا إن افتقر لأحد أركانه الأساسية أو إذا حكم القانون ببطلانه في صورة معينة... وبما أن البطلان المطلق مرتبط بالمصلحة العامة فهو حق لكل من: يحق لكل من طرفي العقد أو ورثتهم أن يطلب البطلان... كما يحق للولي القيام بالبطلان في حق منظوره المحجور. يجوز للخلف الخاص القيام بالبطلان، يحق للدائنين طلب بطلان العقود التي تؤدي إلى إفلاس مدينهم. الغير المطلق لا يعترف له بحق القيام إلا عند وجود مصلحة خاصة له وهي صورة استثنائية. النيابة العمومية : الدفاع عن المصلحة العامة والنظام العام... الفصل 251 م م م ت " لممثل النيابة العمومية الحق في القيام بالقضايا كلما كانت هناك مصلحة شرعية تهم النظام العام". هل يجوز لمحكمة الموضوع أن تقضي من تلقاء نفسها ببطلان العقد لتعلق الخلل بالنظام العام أو الأخلاق الحميدة؟ لا يوجد أي نص قانوني خاص يخول للمحكمة حق التمسك من تلقاء نفسها ببطلان العقود المخالفة للنظام العام... ومن الثابت قانونا أن المحافظة على النظام العام هي من مشمولات ممثل النيابة العمومية (ف251 م م ت) فإنه "للمحكمة أن تقرر تمكينه من الاطلاع على القضايا مع طلب إبداء ملحوظاته" كلما تبين لها أن العقد موضوع النزاع قد خالف من حيث الشكل أو المحل أو السبب متطلبات النظام العام... وهناك توجه لدى فقه القضاء لقبول الإثارة من طرف المحكمة ذاتها. 2- حالة البطلان النسبي: البطلان النسبي هو جزاء مخالفة القواعد التي وضعها المشرع الحماية لمصلحة المتعاقدين كما في حالة عيوب الرضا ونقص الأهلية... حماية مصلحة خاصة... لا يكون لغير الطرف المتضرر من العيب الذي يحتويه العقد حق المطالبة بإبطاله. إذا كان هذا الطرف قاصرا فيجوز له القيام بالدعوى بعد رشده إن لم يقم بها وليه الشرعي في حقه.... (ف 10 +331 + 391 م ا ع) . يجوز لورثه المحجور عليه القيام بدعوى مورثهم بعد موته مع مراعاة مدة التقادم القانونية (ف 331 + 333 م ا ع ) ب- انقراض حق القيام بالبطلان بالإمضاء... بالتقادم... 1-إمضاء العقد: 1-1- مفهومه: تصرف قانوني يصدر من جانب واحد يتخلى بموجبه شخص عن حقه في طلب البطلان. عبر عليه المشرع في م ا ش بالإجازة. وهو يختلف عن التصديق ... فالإمضاء يصدر عن أحد طرفي العقد وهو من اقر البطلان حماية له... أما التصديق فيصدر عن الغير الذي وقع التصرف في حقه (ف 40/41/42 م ا ع) 1-2- نطاقه: ... البطلان النسبي ينحصر نطاق الإمضاء في البطلان النسبي (ف 337/ 338) ويمنعه القانون صراحة في حالة البطلان المطلق (ف329)... إلا في صورة واحدة وهي ان يتم تصحيحها بمقتضى قانون "تصحيح تشريعي". لكن في حالة البطلان المطلق يمكن إصلاح الوضعية من خلال إبرام عقد جديد بذات الالتزامات. 1-3- شروط الإمضاء: - من حيث الأصل: لا يمكن إمضاء العقد إلا: - من قبل المتعاقد المتضرر الذي أراد المشرع حمايته بتمكينه من حق طلب إبطال العقد الفاسد. - وأن يكون المتعاقد على علم بالعيب الذي يعتري العقد(ف 338). - أن يصدر الإمضاء عن بينة (ف 337). - من حيث الشكل: صراحة: يجب ان يتضمن كتب الإمضاء بيانات الفصل 337 م ا ع ونصه:" إمضاء الالتزام القابل للفسخ (للبطلان) قانونا أو التصديق عليه لا يصح إلا إذا تضمن مضمون ذلك الالتزام مع بيان السبب الموجب للفسخ والتصريح بقصد جبر النقص الموجب للفسخ (للبطلان) ". ضمنا: الفصل 338 " إذا لم يحصل إمضاء الالتزام أو التصديق عليه بوجه صريح كفى إجراء العمل به اختيارا في الكل أو البعض ممن علم عيوبه وذلك بعد الوقت الذي أمكن فيه إمضاء العقد أو التصديق عليه بوجه صحيح ". 1-4- آثار الإمضاء: يترتب عن إمضاء العقد صريحا كان أو ضمنيا تخلى المتعاقد عن جميع الوسائل والاعتراضات التي كان من حقه أن يقوم بها على العقد القابل للإبطال بما يجعل العقد صحيحا نهائيا بعد أن كان مهددا بالزوال. و يعتبر العقد صحيحا من يوم انعقاده لا من يوم إمضاءه ولا يستثني المشرع المفعول الرجعي لإمضاء العقد إلا إذا نتج عنه إضرار بحقوق الغير حسن النية. 2- التقادم: يجب التمييز بين بطلان نسبي وبطلان مطلق... 2-1-البطلان النسبي : تكريس قاعدة التقادم يعكس رغبة المشرع في استقرار العقود... ومضي الآجل دون إثارة البطلان هو بمثابة الإمضاء الضمني... مع أن قاعدة الدفع بالبطلان الذي لا يسقط بمرور الزمن توحي بالعكس. حسب الفصول من 330 حتى 335 م ا ع فإنه: - يسقط حق القيام بدعوى البطلان النسبي بمضي عام إلا إذ صرح القانون بمدة أخرى (ف 330 م ا ع). - مدة السقوط لا تحسب في صورة الإكراه إلا من يوم زواله... وفي الغلط إلا من يوم الاطلاع عليه.... وبالنسبة للقاصرين إلا من يوم بلوغ سن الرشد - المحجور عليهم وعديمي الأهلية إلا من يوم موتهم أو خروجهم من قيد الحجز. - ورثة المحجور عليه الذي مات تحت قيد الحجر والمغبون الرشيد قمن يوم حوز الشيء المتعاقد عليه. - على أن القيام بالبطلان يسقط في جميع الدعاوى في أجل أقصاه 15 عام من تاريخ العقد (334 ا ع). 2-2- البطلان المطلق: لم تتعرض الفصول 325 وما بعده م ا ع لمسألة سقوط دعوى البطلان المطلق بالتقادم. فكيف يفسر سكوت المشرع؟ - دعوى البطلان تسقط بعد 15 سنة... وهو آجل سقوط حق القيام بدعاوى تعمير الذمة عموما... لكن البطلان لا علاقة له بتعمير الذمة => - دعوى البطلان المطلق لا تقبل السقوط بمرور الزمن... وتكريس أجل للتقادم يعني ان الحالة ستصحح بمرور الزمن... وهو أمر غير مقبول فالبطلان المطلق = العدم وهذا لا يمكن ان يصير وجودا مهما طال الزمن... حل رأه البعض متعارضا مع الاستقرار التعاقدي... لكن الاستقرار التعاقدي بحد ذاته هو الذي يفرض ان لا نعطي قيمة لعقد باطل مطلقا مهما طال الزمن فتنفيذه يخل بالاستقرار...
الآثار المترتبة عن البطلان
الفصل 325 م ا ع :" ليس للالتزام الباطل من أصله عمل ولا يترتب عليه شيء إلا استرداد ما وقع دفعه بغير حق بموجب ذلك الالتزام".
الفصل 336 م ا ع:" إذا فسخ (أبطل) الالتزام عاد الطرفان إلى ما كانا عليه عند التعاقد ويجب حينئذ على كل منهما أن يرد لصاحبه ما قبضه منه بموجب العقد المذكور أو من جرائه...".
• البطلان = زوال العقد بأثر رجعي
البطلان ينسحب على كامل الالتزام... الفصل 326 م ا ع:" إذا بطل الالتزام الأصلي بطل ما التحق به من الالتزامات...".+ الفصل 327 م ا ع:" بطلان بعض الالتزام يبطل جميعه...".
لهذا وجدت عدة استثناءات... وأحكام خاصة بالبطلان الجزئي وتحول الالتزام ... i- نسبية الأثر الرجعي للبطلان المفروض أن البطلان = العدم وبالتالي لا أثر له...
العقد : لم ينفذ : ليس هناك إشكال... نفذ : إشكالية الرجعية: _استحالة مادية + استحالة قانونية= نسبية الأثر الرجعي... = العقد الباطل قادر على إحداث آثار قانونية بالرغم من بطلانه... المعدوم يمكن أن ينتج أثر.
ماهي طبيعة الآثار التي تترتب عن العقد الباطل؟
يرى الفقيه:"j_ piedelievre ": أنه لا يمكن قبول فكرة وجود استثناءات لقاعدة الرجعية ... فلا يمكن قبول فكرة أن العقد باطل ويحدث آثارا... بل هي وليدة ما تبقى صحيحا من العقد ؟... نعم ... وجودها = بقاء جزء من العقد صحيحا... فالامر لا علاقة له باستثناء من قاعدة الرجعية وإنما هو حالة بطلان جزئي..
المصلحة من هذه النظرية ...
استناد القاضي إلى العقد الباطل لتنظيم الآثار القانونية التي يقر الجميع بوجودها ... سند موضوعي لتصفية العلاقات التي انبنت على العقد الباطل والتي لا يمكن أن تصفي بمعزل عن هذا العقد...
مثال : ما يلزم المتسوغ بدفعه مقابل تمتعه بالمكتري في عقد باطل هو معلوم الكراء المتفق عليه وليس غرامة انتفاع يخضع تحديدها إلى محض إرادة القاضي .
تأثر المشرع التونسي بهذه النظرية :
المشرع يقر بقاء الالتزامات اللاحقة بعد زوال البطلان الأصلي... الفصل 326 م أ ع فقرة 1:" إذا بطل الالتزام الأصلي بطل ما التحق به من الالتزامات إلا إذا اقتضى نوعها أو القانون ما يخالف ذلك...".
ما التحق من الالتزامات لا يبطل ( يبقي صحيحا ) إذا اقتضى نوعها أو القانون ما يخالف ذلك.
حالات البطلان الجزئي المنصوص عليها في الفصل 326 يختلف نطاقها عن حالات البطلان الجزئي الموجودة بالفصل 327 وهي مطابقة لاستثناءات عدم الرجعية حسب الفقه وهي: القانون... طبيعة الالتزام.
فكرة أن المشرع التونسي أخذ عن نظرية j _ piedelievre مقبولة.
هناك إجماع فقهي على أن الحالة لا تعود دائما إلى ما كانت عليه قبل التعاقد...
نسبية الأثر الرجعي يقتضيها:
1- القانون....
2- نوع الالتزام...
3- المسؤولية المدنية التي يمكن أن تنجر عن العقد الباطل .
1- الحالات التي يقتضي فيها القانون بقاء آثار العقد الباطل:
حالة المتعاقد عن حسن نية :... الحائز بشبهة:
الفصل 44 م ح ع :" من حاز مال غيره بشبهة فليس عليه أن يرد من الغلة إلا ما كان موجودا منها وقت القيام عليه من مستحقها وما حصل له منها من ذلك التاريخ. وعليه مصروف الحفظ والاستغلال. والحائز بشبهة هو الحائز بوجه لا يعلم عيبه ".
مفهومه : هو من حاز مال غيره دون أن يعلم عدم صحة سند حوزه... ورغم بطلان سند الحوز توجد الآثار سالفة الذكر...وهو استثناء أراد المشرع منه عدم إثقال كاهل من تصرف في شيء عن حسن نية على أنه مالك... لكن لا يمتد مفعول هذا الاستثناء إلى الغاصب "الفصل 42 م ح ع". حالة قاصري الأهلية :
الفصل 13 م ح ع :" إذا تمم الرشيد ما التزم به للصغير أو القاصر فهما ملزمان بقدر ما انتفعا به من جراء ذلك والمنفعة المذكورة تعتبر حاصلة إذا أنفقا المال الذي أخذاه في مصاريف لازمة أو نافعة أو كان موجودا عندهما.
المنفعة تعتبر حاصلة : في صورة إنفاق المال في: مصاريف لازمة... مصاريف نافعة ... وفي صورة وجود المال عند القاصر.
حالة الغير المتضرر من العقد :
المشرع قلص من مخاطر الرجعية بالنسبة للغير المتضرر من العقد في صورتين:
_ حالة العقارات المسجلة : الفصل 305 م إ ع : " وإبطال الترسيم لا يمكن أن يعارض به الغير الذي اكتسب حقوقا على العقار عن حسن نية واعتمادا على الترسيمات الواردة بالسجل ". لا ينسحب هذا الحكم على العقارات غير المسجلة التي تبقى حقوق الغير المتعلقة بها عرضة للسقوط بمجرد بطلان حقوق أسلافهم عليها وذلك لسببين: 1- قساوة قاعدة الرجعية ...2- عملا بقاعدة لا يمكن لشخص أن يمنح لغيره أكثر مما لنفسه من حقوق (ف551 م ا ع).
_ حالة قانون الشركات: الفصل18 و182 م الشركات التجارية لسنة 2000( الفصلين 62 و156 من المجلة التجارية سابقا). لا يجوز للشركة أو للشركاء الاحتجاج ببطلان الشركة على غيرهم.
2- الحالات التي يقتضي فيها نوع الالتزام بقاء آثار العقد الباطل : العقود الزمنية :
_ عقد الكراء .
_ عقد الشغل : لا بد أن ينال الأجير مقابل الخدمات التي أدتها لمؤجره وإنه لا يحق لهذا الأخير أن يحتج ببطلان عقد الشغل ليتفصى من أداء مقابل ما انتفع به .
_ عقد الشركة : إضافة إلى الاستثناء القانوني المتمثل في عدم احتجاج الشركاء ببطلان عقد الشركة على غيرهم... هناك استثناء آخر لعدم رجعية في عقد الشركة يتمثل في إمكانية الاستناد إلى عقد الشركة الباطل عند تصفية الشركة : لـ: توزيع المرابيح على الشركاء... تحديد نسبة الخسائر وقسمتها على الشركاء .
فقه القضاء: يعتبر أن أعمال التصفية هي من الالتزامات الملحقة بالالتزام الأصلي التي يقتضي نوع الالتزام بقاءها بما يجوز معه اعتبار عقد الشركة قائما في حدود وإلى أن تنتهي أعمال التصفية اعتمادا على الفصل 326 م أ ع .
3-المسؤولية المدنية الناجمة عن بطلان العقد: إذا نتج البطلان عن خطأ ينسب للمتعاقد فمن حق المتعاقد الأخر طلب تعويض على أساس المسؤولية التقصيرية.- البطلان الجزئي :
البطلان الجزئي : هو البطلان الذي يصيب الالتزام التابع دون أن يمس الالتزام الأصلي أو البطلان الذي يقتصر على بعض أجزاء العقد دون أن يمتد إليه كاملا ( انتقاص العقد )... فهو يقتصر إذا على بعض أجزاء العقد دون أن يمتد إليه كاملا وهي صورة انتقاص العقد.
1- قيام الأصل في صورة بطلان التابع :
فصل326 فقرة 2 :"بطلان الالتزام التابع لا يترتب عنه بطلان الأصل".
الالتزام التابع : عنصر من عناصر العقد التي لا يكون لوجوده أو لعدم وجوده أي تأثير على صحته... مثال : بطلان الشرط التغريمي لا يستوجب بطلان كامل العقد... أو بطلان الشرط التحكيمي... أو بطلان الشرط الفسخي . المشرع أقر بقرينة قانونية: وجود التزام تابع في عقد من العقود ليس حاسما في انعقاده.
زواله : لا يؤثر على صحة ذلك العقد .
2- إنتقاص العقد :
فصل 327 م أ ع :" بطلان بعض الالتزام يبطل جميعه إلا إذا أمكنه أن يقوم بدون الجزء الباطل فيستمر بصورة عقد خاص"...
أصل هذه القاعدة هو الفصل 139 من المجلة الألمانية...
ما معنى بطلان بعض الإلتزام ؟
2-1- تحليل مفهوم بطلان بعض الإلتزام :
في ألمانيا:
تعريفه : فقه القضاء في ألمانيا : "جملة المقتضيات التي يمكن للالتزام أن يبقى قائما بعد حذفها منه بوصفه التزاما مستقلا"... ( staudinger الألماني _ تحديد المفهوم من وجهة نظر عملية واقتصادية)
تطبيق الفصل 139 ألماني... العقد المتعدد الأطراف ( لا يبطل بصفة كلية إذا بطل في حق أحد طرفيه)... العقود المختلطة لا تبطل جميعها... + شق هام من الفقه الألماني : يستعملونه لتعديل الالتزام المغالى فيه فلا يبطل إلا بعضه .
في تونس :
الفصل 327 م أ ع التونسي: " بطلان الالتزام التابع لا ينتج عنه بطلان الأصل "= الفصل 139 ألماني... لكن لم يلق حظه في التطبيق ( خاصة فيما يخص استعمال هذا الفصل لتعديل العقد المغالي فيه لمعارضة هذا التفسير بصفة صريحة لأحكام الغبن).
نقد عدم تطبيق الفصل 327 م أ ع :
_ الاستقرار التعاقدي يستوجب من وجهة نضر عملية واقتصادية التضييق في تطبيق عقوبة البطلان والتحديد في نطاقها. _ متطلبات النظام العام تقتضي أحيانا تسليط عقوبة البطلان على الشرط المخالف لأحكامه مع الإبقاء على بقية العقد. _ انسحاب البطلان على كامل العقد غالبا ما يحمي مصالح الطرف المستفيد من الشرط الباطل ويحرم الطرف الآخر من فوائد ذلك العقد.
2-2- شروط بقاء العقد منتقصا:
الفصل 327 : قيام العقد منتقصا لا يتم إلا إذا "أمكنه أن يقوم بدون الجزء الباطل ".
متى يتعذر قيام العقد منتقصا ؟
لأسباب موضوعية : مثل:
_ تعلق الخلل بركن من أركان العقد الجوهرية . _ استحالة الفصل المادي بين الجزء الفاسد والجزء السليم . _ تنصيص القانون في حالات معينة عن ضرورة انسحاب البطلان على كامل العقد... الفصل1475 م أ ع :" الصلح لا يقبل التجزئـة فبطلان جزء منه أو فسخه يترتب عليه بطلان جميع الصلح أو فسخه" .
لأسباب ذاتية :قرينة عدم تجزئة العقد :
...المفترض قانونا أن إرادة الأطراف وجهت لتحقيق كامل العقد لا جزءا منه... يجب دحض القرينة للتحصل على بطلان جزئي للعقد... يجب أن يثبت الطرف الذي يتمسك بالبطلان الجزئي بأن معاقده ما كان ليرفض إبرام العقد بدون جزئه الباطل لو علم وقت التعاقد بوجود سبب بطلان جزئي . 3- تحول الإلتزام :
فصل 328 م أ ع :" إذا بطل الالتزام وكانت به من الشروط ما يصح به التزام آخر جرت عليه القواعد المقررة لهذا الالتزام."
فالالتزام الباطل بصفة (كالبيع) ما قد يكون صحيحا بعنوان التزام آخر (الهبة).
العقد لا يسقط بل يتحول إلى التزام آخر.
و يشترط لتحول العقد:... توفر العناصر اللازمة لقيام العقد الثاني... أن يكون العقد الجديد يرمي إلى نفس الهدف الذي حمل الطرفين على إبرام العقد الباطل. مثال: كمبيالة باطلة (بسبب عدم توفر الشروط الشكلية ) تتحول إلى سند إذني أو اعتراف بدين .
محكمة التعقيب 1955: تحول العقد يعني تحول وصف العقد...(مسألة إعادة تكييف للعقد).
تعليقات
إرسال تعليق